ساحة مفوضية سمالوط الكشفية الجوية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بداية الحركة الكشفية

اذهب الى الأسفل

بداية الحركة الكشفية Empty بداية الحركة الكشفية

مُساهمة من طرف almchrke الأحد فبراير 16, 2014 8:17 am

إن تأسيس الحركة الكشفية لم يكن وليد الصدفة، بل هي تلبية لحاجة وضرورة، وأدى هذا إلى انتشارها في مختلف دول العالم، ولكننا نعتبر أن الكشفية ظاهرة عرضية على الرغم من أن مؤسسها لم يكن ينوى إيجاد مدرسة أو إعطاء براءة ذمة لمنهج ما، ولكنه أطلق فكرته في إطار زمانه ومتطلبات مجتمعه وهو بذلك سبق عصره بكل معنى الكلمة، إذ كانت له رؤى تتعدى الصفات الخاصة به ككشاف إلى حاجات المجتمع الذي يحيط به، ولذا اختار بادن بأول حياة الغابات حبا للطبيعة والعراء ولإيمانه بفائدة العيش والنشاط في الهواء الطلق، وهي ليست دعوة للانفلات والكسل، بل هي عملية تمرين للتعرف على الطبيعة في أمور العيش والنمو والبناء ضمن الإطار الاجتماعي. وقبل الحديث عن مراحل تطور الحركة الكشفية عالميا نلقى الضوء في البداية على مؤسسها الأول وهو: اللورد / روبرت ستيفنس سميث بادن بأول.

نشأة روبرت ستيفنس سميث بادن بأول:
 
لخص الدكتور لازلوناجي السكرتير العام للمنظمة الكشفية العالـمية نشأة بادن بأول في السطور التالية: ولد في سنة 1857 م، ووالدته امرأة غير عادية عرفت بعدة مزايا، فهي ذكية وحـريصة بصـورة خاصة على تربية عائلة كبيرة على أحسن التقاليد، وقـد أنجبت مـن الأستاذ المشهور (بادن بأول ) سبعة أطـفـال. كـانـت هنريميتاج سميث والدة روبرت ستيفنس سميث بادن أول فتاة تدرجت في عائلة عريقة ناجحة والدها كان ( أدميرال ) في البحرية فيزيائي وعالم فلك وعضو في الجمعية الملكية لدراسة الفلك والجمعية الملكية للجغرافيا، وكان يسكن في شارع العلماء والمفكرين في شارع ( شان ) ، وكان زوجها بادن بول أستاذ الرياضيات في جامعة أكسفورد في الحادية والثلاثين من عمره صديق وشريك فراداى ( لازلوناجى ، د.ت.، ص13 ). 
عاش مؤسس الحركة الكشفية روبرت دون أب منذ صغره فقد مات أبوه بادن بأول وعمره ثلاث سنين فحرصت والدته هنريميتاج على تربية أبنائها على التقاليد العائلية المتبعة حينذاك ، وقد كان منزل (بادن بأول ) ملتقى الكثير من العلماء والأدباء مثل روسكن وعالم الطبيعيات هلكسي ، ولقد كان لجده لأمه الأدميرال سميث تأثير مباشر عليه ، فقد كان يحكي له القصص عن البحرية والمغامرات حيث كان يجالسه على شرفة منزلهم .
التحق ستيفنس بمدرسة ( تشارتر هوس ) وهي من المدارس العريقة المميزة الخاصة بأولاد الأغنياء وأصحاب النسب . ولم يكن ستيفنس لامعا في مجال العلوم الطبيعية ولكنه استعاض عنها بميوله الفنية وممارسة نشاطاته في الهواء الطلق ، وفي نهاية دراسته الثانوية حاول الوصول إلى جامعة اكسفورد حسب تقاليد العائلة ولكنه أخفق في ذلك ، ولكن سرعان ما وجد الفرصة في المدرسة الحربية فسجل اسمه ، وأجريت مباراة خيالة للقبول فكان ترتيبه الخامس في المباراة من بين 718 مرشحا، وكان عليه أن يقضى سنتين في التدريب ولكنه أعفى منها لتفوقه وقضى مدة شهرين فقط في التدريب تخرج بعدها برتبة ملازم أول في الخيالة عام 1876 م ، وبعد فترة وجيزة التحق بفيلقه المتوجه إلى الهند ، ومع بعض الإستثناءات فالجندي الجيد لا يكون مفكرا فالجيش لم يكن بحاجة للرجال المفكرين في صفوفه حسب الاعتقاد السائد في تلك الفترة ولكن صاحبنا لم يكن من هذا النوع .
وهكذا أصبح ستيفنس ملازما مسئولا عن عدة عسكريين ومدنيين في الشمال الشرقي من الهند ، ولقد بدأت تظهر مواهبه خصوصا في التمثيل والإخراج ورسم بطاقات الدعوة للحفلات التي تقام احتفالا بتنصيب الملكة فكتوريا إمبراطورة على جزر الهند ، ولقد كانت له اهتمامات بعلم المساحة حتى إنه حصل على نجمة إضافية لمهارته في هذا الفن . ولقد عمل فترة في أفغانستان تحت إمرة عقيد كفء الذي سلمه مسئوليات ضخمة من بينها تحليل أسباب الهزيمة التي منى بها الجيش البريطاني في أفغانستان ،ولقد بذل مجهودا كبيرا في ذلك حتى رقى إلى رتبة نقيب وكان عمره 26 سنة ، وقد كان يعطى دروسا في ركوب الخيل والرماية بالإضافة إلى الأعمال المكتبية .
وكانت له صفات شخصية قد يكون لها الدور في إعداده لمهمته القادمة ، فقد كان يعرف كيف يكيف نفسه فهو محب للاستطلاع ، قنوع ، اجتماعي ، محبوب ، بشوش ، غير مبذر ، يعشق العيش في الهواء الطلق ، كان مغرما بحب الطبيعة . ومن أوائل الكتب الني ألفها كتاب ( الاستطلاع والكشفية ) الذي صدر عام 1884 م ، وقد تضمن الأسس الفنية لاختصاصاته التي ظهرت فيما بعد . ولقد كانت الصعوبات العسكرية التي يواجهها الجنود البريطانيون من قبائل البوير الأفريقية سببا في نقل فرقة ( الهوسارد 13 ) التي انتمى إليها روبرت . وهكذا نُقل روبرت إلى أفريقيا الجنوبية . كان عدو الجنود البريطانيين هم قبائل البوير الذين كانوا يريدون التحرير ، كان دور روبرت هو مهمة سرية استكشافية لجمع المعلومات ومعرفة إمكانية الهجرة بصفة مدنية لأهداف عسكرية بحتة ، وخلال تجواله فارسا لمدة شهر قطع فيها ألف كم لم يطلق أي رصاصة مع أنه أنجز عملا نال به تقدير رؤسائه ، وهكذا أمضى روبرت مدة ثلاث سنوات ضمن حاميته فأصبحت له خبرة في مجال الاستطلاع والاستكشاف في العمق وارتفع عنده فن الملاحظة ، ولقد كانت الحياة في المستعمرات حياة رغيدة تتوفر فيها كل سبل الحياة اللاهية ، ولكن روبرت حافظ على الاستقامة شاغلا نفسه بأمور عديدة مثل الرسم ودراسة اللغة والعادات المحلية وتأليف الكتب .
ولقد ألف أول كتاب له بعنوان ( استطلاع وكشفية ) ، ولقد استطاع أن يضع معلوماته عن الكشفية موضع التنفيذ حينما أتيحت له الفرصة عام 1888 م حيث اختاره اللواء سميث مساعدا له على الرغم أن رتبته كانت أقل مما تتطلبه هذه المهنة ، وكانت مهمة البعثة التي تتكون من ستمائة جندي من البريطانيين والسود هي لاستتباب الأمور على الحدود مع قبائل الزولو والقبض على الزعيم ( دينزيلو ) ثم مساعدة مقيم إنجليزي المفوض المساعد الذي كان محاصرا في داره من قِبل الزولو . وهكذا نجح الضابط المكلف روبرت في هذه المهمة بفضل معلوماته وخبرته ، والاستفادة من كشافته البيض والسود ، ولقد استفاد بادن باول من هذه التجربة ثلاثة أمور هي :
1- 
الهدية التي قدمها له الزعيم دينزيلو وهي عقد كبير علقت فيه بعض القطع الصغيرة من الخشب المنحوت ، التي أصبحت تقدم فيما بعد إلى المتميزين من كشافته كبادرة ما زالت قائمة حتى الآن.
2- تجربته بأن لا يكتفي بمواجهة العدو فقط ، ولكن أن يستفيد من طريقته في الحياة والعيش والثقافة ، مهما كان هذا الخصم ، فالأفراد جميعا على مستوى واحد في هذه القيم .
3- 3- الثالث أغنية ( زولو ) بأدائها نغمتها التي أصبحت معروفة تماماً لكل الكشافة .

كانت شهرة بادن باول السبب الرئيسى فى نشر الكشفية ، ولعل بداية شهرته على مستوى بريطاني العظمى في ذلك الوقت هو مهمته التي قام بها في فك الحصار عن ( مافيكنغ ) ، وهي إحدى القرى الإفريقية التي كان يحاصرها البوير ، ولقد اهتمت الصحف البريطانية بهذا النصر بإسهاب شديد ، واعتبرت هذا النصر تاريخيا ، وبعد هذه الحادثة رقى روبرت بادن باول إلى رتبة جنرال (لواء ) وكان الأصغر في الجيش البريطاني من بين من يحملون هذه الرتبة حيث كان عمره آنذاك 43 سنة ، وهكذا أصبح المدافع عن ( مافيكنغ ) خلال أيام معدودة البطل الوطني لبريطانيا . 
ولندع روبرت يحدثنا عن حصار (مافيكنغ):
ولقد تمكنت من اختبار فائدة الفتيان الصغار أثناء الدفاع عن مافيكنغ عامي 1899م و 1900م و مافيكنغ هي واحدة من تلك المدن القائمة في سهول أفريقيا الجنوبية الفسيحة ولم يكن هناك من يفكر بأن مافيكنغ ستكون يوما من الأيام هدفا للعدو.. عندما تأكدنا من حقيقة غزونا في مافيكنغ سارعنا إلى توزيع حامياتنا على المراكز التي كانت بحاجة إلى الحماية وكانت مؤلفة من سبعمائة رجل. ثم اضطرنا إلى تجنيد رجال المدينة وعددهم ثلاثمائة للدفاع عن مكان يبلغ محيطه ثمانية كيلومترات ويضم ستمائة امرأة وطفل من الجنس الأبيض وسبعه آلاف مواطن وكلما قتل عدد من المدينة ازدادت الأعباء على البقية .ولقد استطاع رئيس أركان الحرب أن يجمع فتيان المدينة الصغار وينظم منهم وحدة صالحة ونافعة مثل تبليغ الأوامر وحمل التعليمات والقيام بأعباء الحفر والخدمة العادية مما كانت له أكبر الأثر في مساعدة الكتيبة في فك الحصار عن القرية الذي استمر سبعة أشهر ) .(بادن باول ، ص 21 ) .
لقد انتهت مهمة روبرت بان باول كقائد عسكري برتبة لواء حينما أحيل على التقاعد في 10 حزيران 1907 م ليتفرغ لدورة المقبل في الحياة المدنية ، لقد أنعم الله على روبرت بموهبة الإبداع والمراقبة والخيال وبقدر كبير من المرح والفكاهة . لقد وجد روبرت في بلاده (بريطانيا العظمى ) حينما عاد إليها أنها بدأت تدخل مرحلة التقهقر ، فلقد فوجئ بمشاهدة المتسولين في المدن الكبرى وأن ثلث سكان لندن تنقصهم التغذية الكافية والإدمان والسرقات تتفشى بين المواطنين .
وبدأ روبرت بادن باول حياته الخاصة وتجاربه الذاتية كنموذج تربوى ، وقدمها بطريفة سهلة عملية ، ووضعها في متناول الشباب من خلال كتاباته ، خاصة كتابة ( استطلاع وكشفية ، 1884 ) وكتابة (نحو الكشفية ، 1899 ) . ولقد وجدت كتبه رواجا منقطع النظير ، ليس لمحتواها وإنما لمكانة صاحبها وشهرته . 
ولقد التقى روبرت برجلين كان لهما تأثير على كتابه في المستقبل .
الأول هو: سميث رئس فرقة الفتيان البريطانية , و هو تنظيم شبه عسكري بملامح مستوحاة من المسيحيين يضم أربعمائة ألف عضو.
الثاني هو: أرنست توبسون من أوائل علماء البيئة في العصر الحديث , وهو يعرف الكثير عن الحيوانات والنباتات في الغابات الأمريكية , فأنشأ برنامجا للشباب استوحاه من أعمال ومعيشة الهنود في الغابات.
وقد استفاد روبرت من تجربة هذين الرجلين في اعتماد تربية جديدة مكتسبة وأكثر حرصا تقوم على عناصر الطبيعة وا لهواء الطلق وعلى تطوير حسن المراقبة عند الشباب . وقد انتهى من صياغة برنامجه الكشفي حسب مفهومه خلال قيامه بجولة تفتيشية فى مصر , و الخلاصة أن الميزة الكبرى هي اقتناع المؤلف بأن أفضل طريقة لتكوين مواطنين صالحين تكمن في الشباب أنفسهم إذا ما توزعوا فى مجموعات صغيره وطلائع مؤلفة من ستة أشخاص تحت إمرة قائد يختارونه هم ليعتنى شخصيا بتربيتهم كل هذا تحت متطوعين كبار.
وهكذا أراد روبرت أن يطبق برنامجه على مجموعة صغيره من الأولاد, فقرر أن يتجه إلى جزيرة (براونسى) مع صديقة ماكلآرن وجمع عشرين ولدا من أبناء بعض أصحابه في المدارس وبعض أولاد المزارعين والعمال . خضع هؤلاء الصبية لأولى دورات الاختبار . كان كل همه هو معرفة ما إذا تركت مجموعة صغيره لنفسها فهل باستطاعتها العمل وحدها أم لا ؟ لأنه من غير المؤكد أن صغارا فى مثل هذا العمر الصغيرة يتقلبون قيادة وأوامر بعضهم البعض . ولم يكن من المعروف كذلك أن هؤلاء القادة الصغار إذا تركوا وحدهم لكي ُينسقوا واجباتهم المقررة بالرضى المتبادل و أنه باستطاعتهم ممارسة مسئولياتهم دون أن يسيئوا استعمال سلطاتهم وأن دورهم كقياديين سوف يقبل به . لقد كانت تجربته ناجحة تماما وفي الاتجاه المطلوب . وعندما رفع مخيم (براونسى ) في التاسع من أغسطس 1907 م بدأ في ذلك اليوم تاريخ الحركة الكشفية ( لازلوناجي ،د ،ت ،ص49 ).


بدأ بادن باول في تشر فكرته بعد نجاح مخيمه في براونسى فعرض عليه أحد رجال الأعمال هو أرثر بيرسون في تمويل جولة يحاضر فيها في أنحاء المملكة المتحدة بهدف شرح ما يسمى (بالمشروع الكشفى ) ، ووضع بيرسون مقرا تحت تصرف بان باول ، واتفق على إصدار مجلة شهرية تحت اسم الكشاف التي صدرت في 18 إبريل 1908 م ، وشارك بادن باول في زاوية فيها حتى وفاته سنة 1941 م .
وكان من بين كتبه التي ساعدت على نشر الكشافة هو كتابه ( الكشافة ) ، حيث قدم مؤلفه للأولاد كمية كبيرة من الأعمال والأشغال المتنوعة أنشطة الهواء الطلق من الألعاب والتمارين والتجارب العلمية والنصائح المبسطة ليصبحوا أكثر صحة وقوة وإطلاقا وقدرة في تدبير الأمور كل هذا بلغة مبسطة موجهة إلى الشباب مباشرة دون وسيط . وقد ترجم هذا الكتاب إلى لغات عديدة ساهمت في نشر أفكار بادن باول في مختلف أنحاء العالم . ثم جاء فكرة إقامة تجمع على مستوى وطني للتسلية والدلالة أمـام الجمهور كيف أصبحت فكرة بادن باول بعد سنتين من إطلاقها ، ولبى النداء أكثر مـن عشرة آلاف شــاب قدموا في ( كريستال بالاس ) في لندن عرضا لإمكاناتهم الكشفية . ثم رأى مؤسس الحركة الكشفية أنه من الضرورى تأسيس حركة مستقلة تماما ، فقد أنشئت في العاشر من كانون الثاني 1909 م أول هيئة تنفيذية لجمعية الكشافة الشباب حيث جمع بادن باول مجموعة المتطوعين أصحاب الكفاءة وأصبح رئيسهم بطبيعة الحال ، وتجمع تحت لوائها 107986 شابا وقائدا ومتطوعا حسب إحصاءات عام 1909 م .
عندما نشر كتابه سالف الذكر ( الكشافة ) ظهرت فرق الكشافة الأولى فى كندا واستراليا ونيوزيلندا ، وفي سنة 1909 م في الهند وتشيلي ثم امتدت إلى الأرجنتين والبرازيل أما في الولايات المتحدة علم 1910 م وهي نفس السنة التي شهدت ولادة الفرقة الأولى في أوروبا الوسطى في بلجيكا وهولندا وفرنسا والدانمارك والنرويج والسويد وغيرها وفي روسيا سنة 1911 م ، هذا النجاح الذي بدأ يظهر أثبت تفوق الكشفية ، وخلال إحدى رحلات بادن باول كتب رسالة إلى والدته بتاريخ 10 ايلول 1911 م ، أبدى فيها رغبته لتوعية الكشفية المصدرة حيث قال فيها (إني أعتقد بكل جزم أن الكشفية سوف تصبح في القريب العاجل حركة عالمية)
واقترح بادن باول في عدد مجلة ( الكشفية المركزية ) في تشرين الثاني عام 1911 م إنشاء مصلحة خارجية إقليمية تبقى على اتصال دائم مع كشافة البلدان الأجنبية ، فالانتشار العالمي الذي حققته الكشفية اجبر المؤسس بشكل ما على تحديد الهوية الإنجليزية الأصلية للحركة ، وعلى هذا الأساس تقدم تطلب للحصول على براءة ملكية في أواخر سنة 1911م ، حيث أصبحت جمعية مسجلة هدفها تربية الأولاد من كل الصفوف على مبادئ النظام والولاء المدني .
وهكذا فقد توطدت ( الكشفية ) ، هذه الكلمة السرية في ضمائر الفتيان بصورة عميقة ، فارتضوا الزى الكشفى العملي والملفت للنظر ، وأقبلوا عليه بحماس ، وأصبحوا يتصرفون بروح مسئولة ، يتوزعون في زمر صغيرة تعمل بإشراف واحد منهم ، هذا التصرف دخل في التقاليد الكشفية كأساس للمسئولية التي هي نقطة انطلاق على طريقة الرجولة . وهكذا فقد اكتشف الشباب اليوم لذة التربية الذاتية دون أي ضغط أو عقاب ، مقابل النجاح الذي حققته الكشفية . ظهر الحاسدون من كل نوع . فظهرت تهم أُلصقت بالكشفية ، فالتيار البريطاني أخذ يتهم بادن باول وأصدقاءه بمحاولة الرجوع بالشباب في بريطانيا إلى الأفكار المحافظة لمصلحة النظام السياسي الفاسد والمحافظون بدورهم اتهموا بادن باول بالاشتراكية استنادا إلى البند الرابع من قانون الكشافة الذي ينص على ( أن الكشاف صديق الجميع وأخ لكل كشاف آخر مهما كانت مكانتهم الاجتماعية ) .
وكذلك واجهت الكشفية معارضة قوية داخل الكنائس تحت عنوان (غياب الهدف الديني في الكشفية ) ، ولتأكيد هذه الفريضة أثيرت قضية تخصيص صفحتين فقط من أصل ثلاثمائة في كتاب (الكشفية للشباب) لمعالجة الطابع الروحى للتربية الوارد تفصيلة في الكتاب من موضوع (الواجب نحو الله ) في الوعد الكشفي . وفي وجه المحاولات الحكومية والكنسية ، بدأ مؤسس الكشافة يبشر بالاستقلالية منعا لامتصاص الحركة لإبقائها قادرة على الحياة . والمشاكل التي واجهت الكشفية في بدايتها هي أمر طبيعى . فكل مجمتع نجد من يقف موقف المعارض أو الحذِر من كل دعوة جديدة حتى يتبين موقفها بوضوح ، وفي هذا الوقت كان هم بادن باول وأصدقائه معرفة أين هم من التطور الكشفى ، لأن الكثير من الحكايات غير الموثوقة كانت تصل إلى مسامعهم عن نشاطات تمارس تحت علم الكشفية ، لذا دعا في صيف عام 1913م لإقامة أول مخيم عالمي في برمنجهام ، ولاقي هذا التجمع نجاحا باهرا وكبيرا حيث لبى الدعوة ثلاثون ألفا من الشباب معظمهم من المملكة المتحدة والبلاد التابعة لها بالإضافة إلى شباب من الصين والنمسا وهنغاريا وألمانيا و الدنمارك وأسبانيا وإيطاليا وهولندا وفرنسا وبلجيكا والنرويج والسويد وأمريكا ، وتمتع الجميع بمشاهدة النشاطات المتنوعة والمتعددة كما عرضت بعض الأعمال اليدوية مثل : النجارة والسباكة والكهرباء وخياطة وتصليح الثياب والأحذية وغيرها من المهن ، هذا بالإضافة إلى الألعاب الرياضية كالدراجات والمصارعة والجمباز وغيرها .

الكشافة بعد الحرب العالمية الأولى:

كان نشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914م والتي انتهت عام 1918م حدثا جلل اهتز له العالم ، وقد رأى الكثيرون يوم ذاك أن الحرب العالمية سوف تقضى على الكشفية سواء كحركة محلية أو كحركة عالمية ، إذ كيف يعقل أن لا يخوض الكشافة المعارك فيما بينهم وهم على طرف نقيض على الرغم من الأخوة التي تحكم علاقاتهم ، لقد شغل هذا الأمر الجميع ولكن الأمور لم تكن كما كان متوقعاً بل إن انتهاء الحرب أعطى للكشفية دفعة جديدة نحو الأمام .
ولقد عين أول دبلوماسى هو هوبرث مارتن أول مفوض دولي في تاريخ الكشفية ثم حذت هذا المبدأ بلدان أخرى ، واليوم فإن كل هيئة وطنية تدرك أهمية عمل المفوض الدولي الذي أصبح منصبا أساسيا فيها . وهناك أمر آخر زاد في إنشاء المكتب الدولى هو إنشاء مركز تدريب القادة المتطوعين في ( جلول ) بالقرب من لندن عام 1919م وفي نفس السنة بدأت أول دورة تدريبية قادها بادن باول بنفسه وكانت مدة الدراسة خمسة عشر يوما الهدف منها تأهيل القادة لكي يصبحوا أكثر تأهيلا وقدرة على تلبية حاجات الشباب .
وهكذا منذ سنة 1922م أصبح جلول رسميا مركزاً للتدريب الدولي على الصعيد العالمى ، ولقد تميز هذا المركز بمنهج متطور للتدريب ومستقل تتوفر فيه كل الحاجات التعليمية والاجتماعية .
لقد كان عصر العشرينات فيما بعد الحرب العالمية العصر الأكثر أهمية بالنسبة للحركة الكشفية ، فقد اكتسبت الكشفية احترام وإعجاب المعاصرون خاصة المعارضين لها . ولقد عقد أول (جامبورى ) في 30 تموز 1920م وقدر عدد الذين شاركوا بحوالي ستة إلى ثمانية آلاف شخص جاءوا من واحد وعشرين بلدا مستقلا ومن اثنتى عشرة مقاطعة تابعة لبريطانيا ، وأستمر المخيم لمدة ثمانية أيام وكان لهذا الحدث صدى ملحوظ في أوساط الرأي العام العالمي كذلك حضور الملك وولي العهد .
ولقد أُنتخب بادن باول في المخيم قائدا للكشفية في العالم أجمع ، وقد عقد خلال هذا المخيم اجتماع ضم المندوبين من القارات الخمس اعتبر هذا الاجتماع بمثابة المؤتمر الكشفي العالمي الأول أما المقررات الرئيسية فيه فهي :
1- عقد اجتماع عام كل سنتين .
2- انتخاب لجنة تعتني بالأمور الهامة بين المؤتمرين.
3- تأسيس مكتب دولي بإدارة مدير فخري له بناء على اقتراح بادن باول هو ( هاربرت مارتن ) وبقى في مركز المسئولية حتى وفاته سنة 1938م.
وعقد المؤتمر الكشفي الدولي الثاني في عام 1922م بمشاركة ممثلين من إحدى وثلاثين دولة واستكملت فيه القرارات التي اتخذت منذ عامين فتم إقرار الدستور الكشفي وانتخبت لجنة دولية من بين خصائصها القائمة حتى اليوم أن الأعضاء المنتخبين لا يمثلون بلادهم الأصلية بل يضعون خدماتهم بتصرف الحركة الدولية . كما حدد في هذا المؤتمر أهداف ومبادئ الحركة والشروط المطلوبة للعضوية .
ومن الأخبار السيئة أن الحكم السياسي في بعض البلدان كان ينظر بحذر إلى الكشفية التي أخذت تقوى و تتنامى كحركة للشباب في العالم لها هيكليتها وتمتلك شبكة اتصالات خاصة بها ، لذلك حاول البعض تفتيتها إلى خلايا أو القضاء عليها كما فعل موسوليني في نوفمبر 1928م حيث أنشأ حركة الباليلا على غرار الكشفية ، ولقد تتبع موسوليني في ذلك خطى لينين و ستالين فلم تمُت الكشفية بالطبع و علت و فاقت كل الحركات الأخرى ، وفي سنة 1933م زار بادن باول إيطاليا حيث التقى بموسوليني وأكدت الصحافة يوم ذاك أهمية الاجتماع وقد ترك بادن باول ملخصا لما دار بينه وبين موسوليني :
عندما شرح موسوليني الأسباب التي دفعته إلى إنشاء الباليلا ومبادئ تدريبهم المأخوذة من الكشفية حسب قوله طلب مني التعليق على ذلك وإبداء ما عندى من انتقادات فأجبته بأن حركته هذه حركة إلزامية وليست اختيارية تطوعية . كان هدفه وطنيا ضيقا بدلا من التأكيد على روح التفاهم الدولي . إنه تدريب جسدى صرف لا يُنمى النواحى الفكرية والروحية وإنما ينمي روح الجماعة بدلا من تكوين الخصائص الذاتية الفردية . (لازلوناجي ،د،ت،ص100 ).
وضعت الكشفية في كل البلدان التي كانت تحت سطوة النازية والفاشية واستبدلت بحركة وحيدة رسمية للشباب وهذا ما حصل لجمعيات الكشافة في أوروبا الوسطى بعد أن احتلتها القوات الروسية ومن بعدها البلدان الديموقراطية الشعبية ما عدا بولونيا . في هذا الوقت كان بادن باول لا يزال قائدا للكشافة العالمية يسافر و يكتب كثيرا لجمهوره الكشفى ، وقد أحتفل بعيد ميلاده الخامس والسبعين في عام 1933م عندما حضر الجامبورى الثالث في هنغاريا وقد عرض على اللورد ( سومرز ) منصب قائد كشفى مساعد، ولقد عين فعلا في عام 1936م من قبل المجلس الاستشاري للجمعية البريطانية .
كانت نتيجة إحصاء عام 1939م أن الحركة الكشفية بلغت اكثر من ثلاثة ملايين كشاف في سبعة وأربعين بلدا من مختلف أنحاء العالم ، وبعد شهرين من هذا الإحصاء وقعت الحرب العالمية الثانية فأُخلىَ مركز القيادة العامة الوطني والدولي في جلول قبل أن يصادره الجيش في تشرين الثاني 1940م و دُعى القادة لخدمة العلم والشباب فوق السادسة عشر للخدمة المدنية ، وفي أواخر سنة 1940م حلت الحركة رسميا في بلجيكا واليونان وهولندا ولكسمبورغ وفرنسا والنرويج وبلغاريا واستراليا وإيران واليابان وليتوانيا ويوغسلافيا وانكمشت الاتصالات بين الجمعيات الأعضاء إلى أن تلاشت فعلا والمؤسس كان يشعر بدنو أجله خلال عزلته في إحدى قرى كينيا الأفريقية ، وقد ترك رسالة موجهة إلى جميع الكشافة يقول فيها :
وعليه أُريد أن أتوجه إليكم بوداعي الأخير . لذا فكروا في هذا الكلمات هي آخر ما تسمعونه منى تأملوا فيها جيدا . لقد كان لي الحظ أن أعيش سعيدا وأتمنى لكل منكم هذه السعادة . إني أعتقد أن الله خلقنا على هذه الأرض لنكون سعداء ولكي نتذوق طعم الحياة . والسعادة لا تأتي من الغنى ولا من النجاح الذي تصبون إليه في أعمالكم ولا من خلال الموقف والرأي الذي تكونونه من خلال ذلك . فالخطوة الكبرى التي تخطونها نحو السعادة هي في العناية بتكوين جسد قوي وطاهر من أي مرض طيلة شبابكم حتى تكونوا مفيدين لمجتمعكم ولكي تعيشوا بهناء وسعادة عندما تصبحون رجالا .إن دراستكم للطبيعة تبين لكم كم أن الله ملأ العالم بأشياء رائعة من أجل سعادتنا كونوا سعداء دائما بما لديكم واستخدموه في أقوم السبل .انظروا دائما إلى الناحية المشرقة في القضايا أكثر من نظرتكم إلى الناحية المظلمة . إن الطريق الصحيح إلى السعادة هو في إعطائها للآخرين اجتهدوا بترك هذه الأرض الدنيا بعد أن تكونوا قد ساهمتم في جعلها أفضل وكونوا دائما على هذا الطريق أن تعيشوا وتموتوا سعداء وتذكروا وعدكم الكشفي على الدوام وإن كنتم لم تعودوا أطفالا والله يساعدكم على الاحتفاظ بهذا الوعد )صديقكم المخلص / بادن باول (لازلوناجي ،د،ت،ص106 ). واعتقادنا هو ان الله عز وجل خلقنا لعبادته ، والسعادة تمكن في طاعة الله عز وجل والرضاء بقضائه وقدره . 



بداية الحركة الكشفية Attachment


almchrke
almchrke
Admin

المساهمات : 56
تاريخ التسجيل : 01/02/2014
العمر : 45
الموقع : مفوضية سمالوط

https://almshrke.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى